
فأمر المقاومة خطير
للاسف، أجد نفسي متشائماً، ليس بسبب وضع لبنان فقط، بل بسبب الحالة العربية المزرية
التي يعيشها العالم العربي.
التي يعيشها العالم العربي.
القرار الاتهامي ليس صدفة أن يتحول كله ضد حزب الله، وليس صدفة ايضاً ان تبدأ المحكمة الدولية أعمالها في اذار لتحاكم حزب الله ولو غيابياً.
المسألة عميقة وخطيرة، وتستهدف إضعاف المقاومة ومحاصرتها، ووصفها بأنها منظمة ارهابية، وان تطلب واشنطن من اوروبا إدراج اسم حزب الله على لائحة الارهاب خصوصاً في ظل القرار الاتهامي والمحكمة الدولية.
المتحمسون للقرار الاتهامي كمن يلحس المبرد، فهو يلعق دمه، دون ان يدري، واذا كان يعتبر ان القرار الاتهامي ورقة في يده، فالقرار الاتهامي ورقة في يد الخارج وضد المقاومة.
المحكمة الدولية لن يستطيع أحد إيقافها على ما يبدو حتى الآن، لأن الأنظمة الديمقراطية الاوروبية تعيش في حالة اقلية ضعيفة، واكثرية قوية، ولذلك فلن تطالب أي دولة اوروبية بوقف عمل المحكمة، بل على العكس ستعمل على تأييدها كي لا تأخذ الأقلية من الأكثرية الحاكمة.
المشكلة آتية، وإني أرى ضباباً وغيوماً آتية الى سماء لبنان، ولولا ايماني بالمقاومة وقدرتها في الدفاع عن نفسها وعلى المواجهة، لغرقت في تشاؤم رهيب، لكن المعركة شبه كونية تقودها الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل، ويجري الاعداد لها ضد حزب الله، وعلى ما اعتقد فإن حزب الله يعرف خطورة ما يجري والتخطيط ضده، لكن حزب الله يجب ان يدرك تماماً أن هذه المرة لا مجال للمساومة، ولا مجال للمرونة، لا مجال لمراعاة ظروف اطراف داخلية لبنانية، بل ان الأمر يتطلب حسماً وحزماً، وإلا فالمقاومة ستكون خاسرة، لا سمح الله.
إني أرى المؤامرة أكبر من كل ما يجري، ورغم تأكيد اطراف كثيرة، ان الورقة السورية - السعودية منتهية، فإني لا اعرف اذا ما كان هناك ورقة سورية - سعودية ستقيم الحل في لبنان وتعيد الوضع الى استقراره، فالقوى التي تقف في وجه المسعى السوري - السعودي هي اطراف كبيرة وقوية وعلى رأسها واشنطن واللوبي الصهيوني، وتعتبر ان المحكمة الدولية فرصة تاريخية لإغراق حزب الله في قرار اتهامي وفي محاكمة دولية، والمخطط سيكون طلب اسم تلو اسم من مسؤولي المقاومة، وكلما رفضت المقاومة، كلما تبلّغ مجلس الأمن، وكلما زاد ضغوطه على لبنان، وعملت اميركا مع حلفائها على محاصرة المقاومة في لبنان وعلى محاصرة لبنان لتضع المقاومة ضمن الحصار ايضاً.
إن هنالك ثنائية غريبة في موضوع القرار الاتهامي والمحكمة الدولية، وهذه الثنائية قاتلة، فمن جهة يجري العمل على تخدير حزب الله بأن الأمور ناضجة والحل قريب، واذا ما نامت المقاومة على حرير حلٍ يجري لمشكلة القرار الإتهامي والمحكمة الدولية، فالمقاومة حتماًً واقعة في خطر كبير، فتخديرها مقدمة لضربها أو لذبحها لا سمح الله.
أما الثنائية الثانية فهو ان يقوم حزب الله بعمل عسكري يجعل قسماً من الشعب اللبناني يرفض هذا العمل، اضافة الى رأي عام عربي يرفض هذا الموضوع. فما الحل يا ترى؟
إن اقتراحي الوحيد هو إعطاء مهلة لاتخاذ موقف من القرار الاتهامي والمحكمة الدولية، وهذه المهلة لا تزيد عن نهاية السنة، فإذا لم يتم الاستجابة لطلب المقاومة، فعليها الاستقالة من الحكومة مع وزراء المعارضة، وعليها الابتعاد عن العمل العسكري إلا في حال الدفاع عن النفس، وعلى المقاومة استنفار طاقاتها مع حلفائها لتشكيل جبهة ضد القرار الاتهامي يضم المقاومة والرئيس بري والنائب جنبلاط والعماد عون والنائب سليمان فرنجية، ويتم تخيير اطراف مسؤولة او سياسية، فإما ان تكون في اطار هذه الجبهة الرافضة للقرار الاتهامي، وإلا فإنها تترك المؤامرة تمر لتقع الفتنة في لبنان.
للأسف الكبير، ورغم ان طبعي هو تفاؤلي، فإني ارى غيوماً سوداء آتية فوق سماء لبنان، ولست في مجال التبصير والتنظير، بل أنا اتحدث عن نوايا اميركا واسرائيل، التي تعطي دليلاً واشارة الى إن الامور تسير نحو محاولة حصار المقاومة. ماذا يفيد المقاومة لو ربحت مقاعد وزارية وخسرت هيبتها او نفسها؟
الخلاصة هي طالما ان العمل في القرار الاتهامي يسير، فإن المعارضة يجب ان ترد بعدم وجود حكومة في لبنان تعمل، ليس من خلال تعطيل مجلس الوزراء من قبل موالاة او معارضة، بل من خلال اعطاء الاشارة القوية للمجتمع الدولي انه لا يوجد في لبنان حكومة ستتعاون مع التحقيق الدولي ومع المحكمة الدولية، وبالتالي سترى اميركا واسرائيل والمحكمة الدولية فراغاً رسمياً لبنانياً، وعندها في غياب وجود حكومة تصبح أغنية فيروز تنطبق على اميركا واسرائيل «لا تندهي ما في حدا» فلتتعامل واشنطن مع امر واقع جديد، هو انه في لبنان وبفعل دعم المقاومة لا يوجد حكومة، ولا يوجد مجلس نواب، ولا مؤسسات، فإما وقف العمل بالقرار الاتهامي وإما الاستقالة فوراً من الحكومة ومن اطياف المعارضة مع وزراء جنبلاط، واذا كانت فرنسا تنصح بالعكس، وسوريا تجاريها، والسعودية تقدم وعودها، فإن كل هذه الامور لن تفيد المقاومة عند ساعة الحقيقة، فأمر المقاومة خطير